تاريخ العلكة

من صمغ الأشجار إلى العلكات الدوائية والفضائية

المضغ الطبيعي؛ بداية العلكة من قلب الطبيعة

يعود تاريخ العلكة إلى آلاف السنين، حين كان الناس في حضارات مختلفة يمضغون صمغ الأشجار أو لحاءها للمتعة، ولأغراض طبية، صحية أو حتى طقسية.
ففي شمال أوروبا، كان يتم مضغ لحاء شجرة البتولا بفضل نكهته الطيبة وتأثيره المسكن لآلام الأسنان.
أما شعب المايا في أمريكا الوسطى، فقد استخدم صمغ شجرة “سابوديلا” (Sapodilla) لتخفيف الجوع والعطش.
وفي المقابل، مضغ السكان الأصليون لأمريكا الشمالية صمغ شجرة التنوب باعتباره مادة طبيعية ومفيدة.

في إيران القديمة، استخدم الناس صمغ شجرة “بنه” المعروف باسم سَقِز. ويُعرف السقز بنكّهته الطبيعية وفوائده الطبية الكثيرة، حيث أوصى به ابن سينا لعلاج أمراض الجهاز الهضمي وغيرها من الاضطرابات.

 

أقدم الأدلة الأثرية

إحدى أقدم الأدلة على مضغ العلكة في العالم، هي قطعة من راتنج شجرة البتولا عُثر عليها في فنلندا، ويُقدّر عمرها بـحوالي 6000  عام.
وقد أظهرت آثار الأسنان على القطعة أن مضغ المواد الطبيعية كان من الطقوس القديمة لدى البشر.

 

ولادة العلكة الحديثة في القرن التاسع عشر

تم تسجيل أول إنتاج تجاري للعلكة عام 1848 في أمريكا، عندما أضاف الأخوان كورتيس (Curtis) نكهة وشمع البارافين إلى صمغ التنوب لصناعة أول علكة حديثة.
وقد تم بيعها آنذاك بسعر بنس واحد فقط.

وفي عام 1869، سجّل طبيب الأسنان ويليام سيمبل أول صيغة رسمية للعلكة، تضمنت الراتنج والسكر والفحم ونبات العرقسوس، إلا أنها لم تدخل مرحلة الإنتاج التجاري.

 

توماس آدامز والشيكل: العلكة التي غيّرت التاريخ

كان توماس آدامز سكرتيراً للرئيس المكسيكي السابق أنطونيو لوبيز دي سانتا آنا، الذي كان يحب مضغ مادة “شيكل (Chicle)” المستخرجة من نبات استوائي.
حاول آدامز استخدام هذه المادة لصناعة المطاط، لكنه قرر في النهاية إضافة السكر إليها، ليصنع علكة حلوة وطبيعية عُرفت لاحقاً باسم Chiclets.

وأطلق على منتجه اسم : Adams New York Chewing Gum
ومن الجدير بالذكر أن كلمة ” آدامس”  في الفارسية مأخوذة على الأرجح من اسم “Adams” على العلب المستوردة.

 

ريغلي؛ سلطان صناعة العلكة

لا يمكن الحديث عن تاريخ العلكة دون ذكر اسم ويليام ريغلي، الذي بدأ نشاطه ببيع الصابون، لكنه لاحظ أن العلكة التي كان يقدّمها كهدية ترويجية أكثر شعبية.
وفي عام 1893، أسّس شركة Wrigley’s وأطلق علامتي Juicy Fruit و Spearmint.

وكانت استراتيجياته الإعلانية مبتكرة، مثل توزيع عينات مجانية من العلكة عبر دليل الهاتف، أو تقديمها هدية في أعياد ميلاد الأطفال.
وساهم ذلك في جعل Wrigley واحدة من أكبر شركات إنتاج العلكة في العالم، مع علامات مثل: Orbit ، Doublemint، Extra، Five.

 

اختراع العلكة الفقاعية

أول محاولة جدية لصناعة علكة فقاعية كانت من قبل شركة Frank Fleer  عام 1906  بمنتج يُدعى Blibber Blubber لكنه كان هشاً.
وفي عام 1928، طوّر والتر ديمر النسخة الناجحة وأطلق عليها اسم Dubble Bubble، والتي نالت شهرة واسعة.

 

العلكة الدوائية؛ مزيج من العلم والنكهة

ظهرت فكرة إضافة مكونات دوائية إلى العلكة في عام 1928، ودخلت حيّز التطبيق الفعلي عام 1991 بعد موافقة هيئة الأدوية الأوروبية.
أصبحت العلكة وسيلة فعالة لإيصال الدواء، خاصة للأطفال الذين يواجهون صعوبة في ابتلاع الحبوب.

ومن المواد الدوائية الشائعة في العلكة:

  • الفلورايد (لتقوية الأسنان)
  • الكلورهيكسيدين (لتطهير الفم)
  • النيكوتين (للمساعدة على الإقلاع عن التدخين)
  • الأسبرين، مضادات الهيستامين، مضادات الحموضة، والكافيين

 

العلكة في زمن الحرب والفضاء

أدرج الجيش الأمريكي العلكة ضمن الحصص الغذائية للجنود خلال الحرب العالمية الثانية، لما لها من دور في تحسين نظافة الفم، وتخفيف التوتر، وزيادة التركيز.
كما استخدمتها وكالة ناسا للحفاظ على رطوبة فم روّاد الفضاء في المهمات الفضائية.